التطريز أحد المشغولات اليدوية التي تعد فناً من الفنون الشعبية الرائعة والتي اهتمت به المرأة العربية وخاصة الفلسطينية كون تراثا فلسطينيا هاما.
تراث حاول الاحتلال الإسرائيلي على مر الأزمان السابقة النيل منه وطمس معالمه بشتى الطرق والوسائل، ليس بداية بمنع دخول المواد الخام التي تستخدم في المشغولات اليدوية، ولا نهاية بمنع تسويق المشغولات اليدوية لـ"التطريز الفلاحي"، وبالرغم من ذلك بقي التراث الفلسطيني صامداً أبياً على الانكسار والاندثار حيث ورثته الأم لابنتها فبات الحفاظ عليه شغلها الشاغل بخيوطها الحريرية وإبرها الخاصة تشغل قطعاً غاية في الجمال والروعة تزين بها جنبات منزلها المتواضع لتضفى عليه شيئاً من السحر والجمال الأخاذ..
" لها أون لاين" تعرض للقارئ سيرة هذه اللوحات المطرزة باللون الأحمر، صنعتها المرأة الفلسطينية من واقع الجرح النازف، نؤرخ له ونتعرف على بعضاً من أنواعه والخيوط المستخدمة فيه وكذلك الأشكال المتنوعة من الرسومات التي تأسر بصرك بدقة تصميمها وروعة أدائها وأخيراً، نتابع ما طرأ على هواية التطريز لتكون مهنة، كما نتحدث إلى سيدات امتهن التطريز حرفة للحصول على زرق يوفر لهن قدراً معقولاً من الحياة الكريمة..
تكبير الصورةتصغير الصورة تم تعديل ابعاد هذه الصورة. انقر هنا لمعاينتها بأبعادها الأصلية.
لقد بات التطريز هواية تعتمد على بعض من الخيوط الحريرية ذات الألوان الزاهية وأقمشة من التفت الأبيض وأحياناً كثيرة من الأسود لصنع الأثواب المطرزة بالزخارف والأشكال الهندسية والعروق والرسومات المختلفة وغالباً ما يكون اللونان الأساسيان في التطريز الأحمر والأخضر فتضيئان إشراقاً وجمالاً على الثوب الذي عادةً ما يكون اللباس الرسمي في الأفراح والمناسبات السعيدة.
حيث شكل التطريز منذ بداياته الأولى لوناً من ألوان التراث الشعبي الفلسطيني، فكانت النساء الفلسطينيات يحرصن على اقتناء هذا الثوب ضمن خصوصياتهن ولا سيما جهاز العروس الذي لا يكتمل بدونه، فكانت كل أم تحرص على أن تصنع الثوب المطرز باللون الأحمر المزدان بالورود الحمراء والعروق الخضراء لابنتها، فقد حرصت المرأة الفلسطينية على تطريز حاجياتها الضرورية في المنزل لتضفي عليه لسمة جمال مستوحاة من الواقع الذي تعيشه فكانت أغلب المشغولات التي تصممها منقوشة وكأنها حديقة غناء مزدانة بالورود والأزهار زاهية الألوان مختلفة الأشكال والأحجام ناهيك عن طائر الحمام الذي يتطاير على أجزاء معينة من مشغولاتها التي تتراوح بين الأثواب التي تخصها لابنتها العروس في جهازها والمطرزات الأخرى من وسائد ومفارش وشالات زاهية الألوان رائعة التصميم.
أنواع وأدوات التطريز
تذكر السيدة فاطمة التي احترفت التطريز منذ صباها أنه يوجد نوعان للتطريز أحداهما أجمل من الآخر وهو التطريز العادي.. سألتها عن شكله فراحت تصفه لي بدقة وكانت قد تناولت قطعة من القماش وبعضاً من الخيوط الحريرية وبدأ تشرح لي عملياً قالت تكون الغرزة هكذا على شكل علامة الضرب " x" أما الحبة فتكون عبارة عن غرزتين متتاليتين، وتتابع أما النوع الثاني من التطريز والذي هو أقل انتشاراً فيطلق عليه التطريز المثمن ويكون هكذا عبارة عن أربع غرزات متقاطعة تلمح بعينها قائلة هي نفسها الحبة العادية التي يعتمد عليها النوع الأول لكن الفرق هنا أننا نزيد عليها غرزتين على شكل علامة الجمع "+".
كما تتعدد الأدوات التي تستخدمها المرأة الفلسطينية في صناعة مطرزاتها فأول أدواتها الخيوط الحريرية المختلفة الألوان والأنواع فمنها ما هو سادة ومنها المونس الذي يكون خليطاً بين لونين إحداهما يكون داكن والآخر فاتح فيبدو الخيط متدرجة ألوانه بين الاثنين في تناغم وانسجام مما يضفي جمالاً على التطريز..
تكبير الصورةتصغير الصورة تم تعديل ابعاد هذه الصورة. انقر هنا لمعاينتها بأبعادها الأصلية.
أما ثانيها الإبرة وهي مختلفة المقاييس وفقاً لحجم الغرزة أو الرسمة المراد تطريزها على الثوب أو الوسادة فمنها القصيرة الناعمة ومنها الطويلة الغليظة تستخدمها حسب حاجتها إليها وبما يخدم التصميم التي وضعته في مخيلتها وأرادت أن تنسجه بخيوطها على قطعة القماش، كما تستخدم بعض النساء المرد وهو قطعة معدنية تضعها المرأة في إصبعها الأوسط لتزج به الإبرة بعيداً عن لحمة الإصبع كي لا تؤذيها، بالإضافة إلى المقص والماركة التي هي عبارة عن شبكة تنسج عليها الرسومات بدقة حيث أنها تستطيع من خلالها ضبط عدد الغرز.
أشكال التطريز
تتفن المرأة وتبدع في تصميم أشكال المطرزات سواء على الأثواب أو الوسادات أو المفارش التي تنسجها بخيوطها الحريرية وأقمشتها المتفاوتة الألوان بين الأبيض والأسود والسكري، ومن هذه الأشكال ما نجده منسوجاً بدقة على الأثواب من حدائق ورود وأزهار زاهية الألوان غالبيتها من اللون الأحمر القاني يزينها عروق من الأخضر قد تكون على كل ريشة الطاووس تجدها تمتد من أسفل الثوب إلى أن تصل إلى أعلى الخاصرة بالإضافة إلى طيور الحمام المتناثرة في تناغم وانسجام وتوازن بين أجزاء الثوب خاصة في الذيل أما الأكمام فيكون غزلها من الورود الحمراء فقط مما يضفي عليها جمالاً وبريقاً، وتختلف أنواع العروق التي تزدان بها الأثواب فمنها عرق الحمامة وآخر يسمى عرق الموج يكون شكله تماماً كموج البحر وثالث يطلق عليه عرق السرو حيث يأخذ شكل شجرة السرو ناهيك عن عرق السفينة والقلب والنجمة والورد وغيرها كثيراً حيث أن المرأة تستوحي تصاميمها من واقع حياتها ومظاهرها فتنسج الحدائق والبحر والسفينة الطبيعة الحية والجافة كما أنها تحاول أن تجد التصاميم التي تعبر عن حالتها وواقعها السياسي فتجدها تطرز بخيوطها خريطة لفلسطين وتبرز عليها مكان بلدتها الأصلية يافا حيفا المجدل يبنا الرملة اللد وهكذا أملاً منها في الرجوع إليها...
مهنة للعيش الكريم
لقد تحولت هواية التطريز التي تناقلتها الصبية عن أمها التي ورثتها تلقائياً عن الجدة إلى مهنة تدر دخلاً على الأسرة الفلسطينية كنتيجة حتمية للممارسات الإسرائيلية بحق الفلسطينيين الذين دمرت بيوتهم على رؤوسهم، وتهاوت أركان جدران بيوتهم بفعل جرافات الاحتلال التي داست الشجر والحجر والبشر؛ فاتت الكثير من الأسر تعاني الفقر والحاجة ولم تجد النساء سوى أن تحول هوايتها إلى مهنة تعتاش وأسرتها من رزقها.
فهذه أم رامي ذات العقد الرابع من عمرها من مخيم خان يونس، كانت تفترش الأرض على باب منزلها مستظلة بشجرة ورافة الظلال زينت مدخل بيتها الاسبستي المتواضع، رأيتها منشغلة تحدق النظر بقطعة من القماش حولها الكثير من الخيوط متعددة الألوان كانت تنسج الخيوط بمهارة رسمت خريطة فلسطين على قطعة من التفت الأبيض وعلى أخرى بدأت تنسج صورة المسجد الأقصى.. لقد أثارت فضولي اقتربت منها.. أمعنت النظر فيما شغلته نظرت إليّ مبتسمة وقالت:"ليس بالشيء الصعب أو الممل لكنه مرهق ومع ذلك فأنا سعيدة بهذا العمل" وهنا سألتها لماذا هذا العمل بالذات أجابت "دخله جيد فمن خلاله أستطيع أن أوفر بعض احتياجات أولادي السبعة بعد أن فقد زوجي عمله في المنطقة الصناعية بسبب سياسة الإغلاق والحصار التي فرضتها قوات الاحتلال الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني منذ بداية انتفاضة الأقصى.. وأضافت لم تكن الحاجة فقط هي السبب في امتهان التطريز بل أيضاً حاولت بما أمتلك من خبرة ومهارة في التطريز الفلاحي إحياء جزء هام من التراث الفلسطيني الذي حاول الاحتلال طمسه بشتى الطرق والوسائل إلا أنه لم يستطع فقد تحدينا ووصلنا بمهنة التطريز الفلاحي إلى بر الأمان.
وتتابع:"لست الوحيدة التي تعمل بهذه المهنة، أو أنها مقتصرة على النساء اللواتي فقدن رزقهن ووقعن تحت خط الفقر؛ بل إن هناك مؤسسات تعمل في هذا المجال بهدف إحياء التراث الفلسطيني والجدير ذكره أن هذه المؤسسات تعمل على تسويق منتجاتها من المطرزات والمشغولات اليدوية في المعارض الدولية ومهرجانات التراث الشعبي كمهرجانات الجنادرية التي تقام كل عام في المملكة العربية السعودية مضيفة نلجأ إلى هذه المؤسسات كي تسوق لنا منتجاتنا وفي الغالب نجد الترحيب والتشجيع.
هواية ومهنة
وفي زيارة لأحد منازل العاملات في مجال التطريز التقينا أم هاني غبن سيدة في منتصف الثلاثينيات من عمرها، كانت تغرس خيوطها الحريرية في الأقمشة ناسجة أشكالاً مختلفة من اللوحات التراثية ، تجولنا في منزلها الذي بدا وكأنه متحفاً أثرياً يعج باللوحات التشكيلية غاية في الجمال والروعة، فقد كانت تضع في زاوية قريبة ساعة حائط طرزتها مستخدمة ألواناً مختلفة لكنها متناسقة ومتقنة بدقة وترتيب وفي مكان أخر وضعت في غرفة الجلوس أخاديد مطرزة زينت بهم المكان، ولازال عندها الكثير فهذه لوحة يهيئ لي أنها تمثل موسم جني البرتقال.. إنها غاية في الروعة والإتقان، فقد شغلتها بخيوط الحرير الخاصة بالتطريز تنظر إليها فتجدها طبيعية، وما إن تنفك من النظر إليها فتأسرك لوحة أخرى كانت عبارة عن الثوب الفلاحي الفلسطيني الخاص ببلدتها الأصلية وإلى جواره وضعت مجموعة من الشالات والمفارش الصغيرة والكبيرة لقد صنعت كل هذا بيدها وما زال لديها المزيد لتصنعه وتفخر به في المهرجانات والأسواق العالمية.
تقول أم هاني:"ورثت هذه المهنة عن أمي التي احترفتها منذ القدم، كنت أراها تمسك الخيوط الحريرية وتضع القماش بيدها وتبدأ بنسج الخيوط في أشكال متعددة فتارة تشغل أشكالاً هندسية وأخرى تشغل وروداً في ترتيب ودقة ونظام" مضيفة:"أذكر أنها كانت تقتني عدداً من المشغولات اليدوية فكان لديها ثوب طرزته بيدها كان ثوب مدينة يافاً بلدتها الأصلية وتتابع:"كما كانت أمي تقتني مفرشاً كبيراً قالت إنها طرزته في جهازها ما زلت أحتفظ به إلى الآن، وأشارت إلى ابنتها أن تحضره.. كان روعة في الجمال تناسق في الألوان والأشكال بدا وكأنه لوحة فنية لأمهر فناني العالم..
تقول أم هاني:"أمي كانت تهوى العمل بالتطريز.. لم يكن هناك ما يجبرها على هذه المهنة سوى شغفها بالتراث الفلسطيني وصيانته وحفظه، أما أنا فالحال مختلف نعم أحب التطريز ولكني ـ لا أخفي عليك ـ مجبرة عليه فبعد استشهاد زوجي في انتفاضة الأقصى لم أجد طريقاً لسد رمق أطفالي الخمسة سوى العمل وبما أني محترفة وماهرة في التطريز فجعلته مهنتي المفضلة التي أعيش من رزقها الذي يكون محدوداً في بعض الأوقات وتتابع لكن الحمد لله مستورة" وتستطرد حديثها قائلة من خلال عملي في التطريز ألبي حاجات أطفالي الأساسية أؤمن لهم قدراً من المعيشة الكريمة وتضيف أنا فخورة بعملي هذا حيث أنني أشعر بأهمية عملي ولو كان بسيطاً في إحياء التراث الفلسطيني.
تراث حاول الاحتلال الإسرائيلي على مر الأزمان السابقة النيل منه وطمس معالمه بشتى الطرق والوسائل، ليس بداية بمنع دخول المواد الخام التي تستخدم في المشغولات اليدوية، ولا نهاية بمنع تسويق المشغولات اليدوية لـ"التطريز الفلاحي"، وبالرغم من ذلك بقي التراث الفلسطيني صامداً أبياً على الانكسار والاندثار حيث ورثته الأم لابنتها فبات الحفاظ عليه شغلها الشاغل بخيوطها الحريرية وإبرها الخاصة تشغل قطعاً غاية في الجمال والروعة تزين بها جنبات منزلها المتواضع لتضفى عليه شيئاً من السحر والجمال الأخاذ..
" لها أون لاين" تعرض للقارئ سيرة هذه اللوحات المطرزة باللون الأحمر، صنعتها المرأة الفلسطينية من واقع الجرح النازف، نؤرخ له ونتعرف على بعضاً من أنواعه والخيوط المستخدمة فيه وكذلك الأشكال المتنوعة من الرسومات التي تأسر بصرك بدقة تصميمها وروعة أدائها وأخيراً، نتابع ما طرأ على هواية التطريز لتكون مهنة، كما نتحدث إلى سيدات امتهن التطريز حرفة للحصول على زرق يوفر لهن قدراً معقولاً من الحياة الكريمة..
تكبير الصورةتصغير الصورة تم تعديل ابعاد هذه الصورة. انقر هنا لمعاينتها بأبعادها الأصلية.
لقد بات التطريز هواية تعتمد على بعض من الخيوط الحريرية ذات الألوان الزاهية وأقمشة من التفت الأبيض وأحياناً كثيرة من الأسود لصنع الأثواب المطرزة بالزخارف والأشكال الهندسية والعروق والرسومات المختلفة وغالباً ما يكون اللونان الأساسيان في التطريز الأحمر والأخضر فتضيئان إشراقاً وجمالاً على الثوب الذي عادةً ما يكون اللباس الرسمي في الأفراح والمناسبات السعيدة.
حيث شكل التطريز منذ بداياته الأولى لوناً من ألوان التراث الشعبي الفلسطيني، فكانت النساء الفلسطينيات يحرصن على اقتناء هذا الثوب ضمن خصوصياتهن ولا سيما جهاز العروس الذي لا يكتمل بدونه، فكانت كل أم تحرص على أن تصنع الثوب المطرز باللون الأحمر المزدان بالورود الحمراء والعروق الخضراء لابنتها، فقد حرصت المرأة الفلسطينية على تطريز حاجياتها الضرورية في المنزل لتضفي عليه لسمة جمال مستوحاة من الواقع الذي تعيشه فكانت أغلب المشغولات التي تصممها منقوشة وكأنها حديقة غناء مزدانة بالورود والأزهار زاهية الألوان مختلفة الأشكال والأحجام ناهيك عن طائر الحمام الذي يتطاير على أجزاء معينة من مشغولاتها التي تتراوح بين الأثواب التي تخصها لابنتها العروس في جهازها والمطرزات الأخرى من وسائد ومفارش وشالات زاهية الألوان رائعة التصميم.
أنواع وأدوات التطريز
تذكر السيدة فاطمة التي احترفت التطريز منذ صباها أنه يوجد نوعان للتطريز أحداهما أجمل من الآخر وهو التطريز العادي.. سألتها عن شكله فراحت تصفه لي بدقة وكانت قد تناولت قطعة من القماش وبعضاً من الخيوط الحريرية وبدأ تشرح لي عملياً قالت تكون الغرزة هكذا على شكل علامة الضرب " x" أما الحبة فتكون عبارة عن غرزتين متتاليتين، وتتابع أما النوع الثاني من التطريز والذي هو أقل انتشاراً فيطلق عليه التطريز المثمن ويكون هكذا عبارة عن أربع غرزات متقاطعة تلمح بعينها قائلة هي نفسها الحبة العادية التي يعتمد عليها النوع الأول لكن الفرق هنا أننا نزيد عليها غرزتين على شكل علامة الجمع "+".
كما تتعدد الأدوات التي تستخدمها المرأة الفلسطينية في صناعة مطرزاتها فأول أدواتها الخيوط الحريرية المختلفة الألوان والأنواع فمنها ما هو سادة ومنها المونس الذي يكون خليطاً بين لونين إحداهما يكون داكن والآخر فاتح فيبدو الخيط متدرجة ألوانه بين الاثنين في تناغم وانسجام مما يضفي جمالاً على التطريز..
تكبير الصورةتصغير الصورة تم تعديل ابعاد هذه الصورة. انقر هنا لمعاينتها بأبعادها الأصلية.
أما ثانيها الإبرة وهي مختلفة المقاييس وفقاً لحجم الغرزة أو الرسمة المراد تطريزها على الثوب أو الوسادة فمنها القصيرة الناعمة ومنها الطويلة الغليظة تستخدمها حسب حاجتها إليها وبما يخدم التصميم التي وضعته في مخيلتها وأرادت أن تنسجه بخيوطها على قطعة القماش، كما تستخدم بعض النساء المرد وهو قطعة معدنية تضعها المرأة في إصبعها الأوسط لتزج به الإبرة بعيداً عن لحمة الإصبع كي لا تؤذيها، بالإضافة إلى المقص والماركة التي هي عبارة عن شبكة تنسج عليها الرسومات بدقة حيث أنها تستطيع من خلالها ضبط عدد الغرز.
أشكال التطريز
تتفن المرأة وتبدع في تصميم أشكال المطرزات سواء على الأثواب أو الوسادات أو المفارش التي تنسجها بخيوطها الحريرية وأقمشتها المتفاوتة الألوان بين الأبيض والأسود والسكري، ومن هذه الأشكال ما نجده منسوجاً بدقة على الأثواب من حدائق ورود وأزهار زاهية الألوان غالبيتها من اللون الأحمر القاني يزينها عروق من الأخضر قد تكون على كل ريشة الطاووس تجدها تمتد من أسفل الثوب إلى أن تصل إلى أعلى الخاصرة بالإضافة إلى طيور الحمام المتناثرة في تناغم وانسجام وتوازن بين أجزاء الثوب خاصة في الذيل أما الأكمام فيكون غزلها من الورود الحمراء فقط مما يضفي عليها جمالاً وبريقاً، وتختلف أنواع العروق التي تزدان بها الأثواب فمنها عرق الحمامة وآخر يسمى عرق الموج يكون شكله تماماً كموج البحر وثالث يطلق عليه عرق السرو حيث يأخذ شكل شجرة السرو ناهيك عن عرق السفينة والقلب والنجمة والورد وغيرها كثيراً حيث أن المرأة تستوحي تصاميمها من واقع حياتها ومظاهرها فتنسج الحدائق والبحر والسفينة الطبيعة الحية والجافة كما أنها تحاول أن تجد التصاميم التي تعبر عن حالتها وواقعها السياسي فتجدها تطرز بخيوطها خريطة لفلسطين وتبرز عليها مكان بلدتها الأصلية يافا حيفا المجدل يبنا الرملة اللد وهكذا أملاً منها في الرجوع إليها...
مهنة للعيش الكريم
لقد تحولت هواية التطريز التي تناقلتها الصبية عن أمها التي ورثتها تلقائياً عن الجدة إلى مهنة تدر دخلاً على الأسرة الفلسطينية كنتيجة حتمية للممارسات الإسرائيلية بحق الفلسطينيين الذين دمرت بيوتهم على رؤوسهم، وتهاوت أركان جدران بيوتهم بفعل جرافات الاحتلال التي داست الشجر والحجر والبشر؛ فاتت الكثير من الأسر تعاني الفقر والحاجة ولم تجد النساء سوى أن تحول هوايتها إلى مهنة تعتاش وأسرتها من رزقها.
فهذه أم رامي ذات العقد الرابع من عمرها من مخيم خان يونس، كانت تفترش الأرض على باب منزلها مستظلة بشجرة ورافة الظلال زينت مدخل بيتها الاسبستي المتواضع، رأيتها منشغلة تحدق النظر بقطعة من القماش حولها الكثير من الخيوط متعددة الألوان كانت تنسج الخيوط بمهارة رسمت خريطة فلسطين على قطعة من التفت الأبيض وعلى أخرى بدأت تنسج صورة المسجد الأقصى.. لقد أثارت فضولي اقتربت منها.. أمعنت النظر فيما شغلته نظرت إليّ مبتسمة وقالت:"ليس بالشيء الصعب أو الممل لكنه مرهق ومع ذلك فأنا سعيدة بهذا العمل" وهنا سألتها لماذا هذا العمل بالذات أجابت "دخله جيد فمن خلاله أستطيع أن أوفر بعض احتياجات أولادي السبعة بعد أن فقد زوجي عمله في المنطقة الصناعية بسبب سياسة الإغلاق والحصار التي فرضتها قوات الاحتلال الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني منذ بداية انتفاضة الأقصى.. وأضافت لم تكن الحاجة فقط هي السبب في امتهان التطريز بل أيضاً حاولت بما أمتلك من خبرة ومهارة في التطريز الفلاحي إحياء جزء هام من التراث الفلسطيني الذي حاول الاحتلال طمسه بشتى الطرق والوسائل إلا أنه لم يستطع فقد تحدينا ووصلنا بمهنة التطريز الفلاحي إلى بر الأمان.
وتتابع:"لست الوحيدة التي تعمل بهذه المهنة، أو أنها مقتصرة على النساء اللواتي فقدن رزقهن ووقعن تحت خط الفقر؛ بل إن هناك مؤسسات تعمل في هذا المجال بهدف إحياء التراث الفلسطيني والجدير ذكره أن هذه المؤسسات تعمل على تسويق منتجاتها من المطرزات والمشغولات اليدوية في المعارض الدولية ومهرجانات التراث الشعبي كمهرجانات الجنادرية التي تقام كل عام في المملكة العربية السعودية مضيفة نلجأ إلى هذه المؤسسات كي تسوق لنا منتجاتنا وفي الغالب نجد الترحيب والتشجيع.
هواية ومهنة
وفي زيارة لأحد منازل العاملات في مجال التطريز التقينا أم هاني غبن سيدة في منتصف الثلاثينيات من عمرها، كانت تغرس خيوطها الحريرية في الأقمشة ناسجة أشكالاً مختلفة من اللوحات التراثية ، تجولنا في منزلها الذي بدا وكأنه متحفاً أثرياً يعج باللوحات التشكيلية غاية في الجمال والروعة، فقد كانت تضع في زاوية قريبة ساعة حائط طرزتها مستخدمة ألواناً مختلفة لكنها متناسقة ومتقنة بدقة وترتيب وفي مكان أخر وضعت في غرفة الجلوس أخاديد مطرزة زينت بهم المكان، ولازال عندها الكثير فهذه لوحة يهيئ لي أنها تمثل موسم جني البرتقال.. إنها غاية في الروعة والإتقان، فقد شغلتها بخيوط الحرير الخاصة بالتطريز تنظر إليها فتجدها طبيعية، وما إن تنفك من النظر إليها فتأسرك لوحة أخرى كانت عبارة عن الثوب الفلاحي الفلسطيني الخاص ببلدتها الأصلية وإلى جواره وضعت مجموعة من الشالات والمفارش الصغيرة والكبيرة لقد صنعت كل هذا بيدها وما زال لديها المزيد لتصنعه وتفخر به في المهرجانات والأسواق العالمية.
تقول أم هاني:"ورثت هذه المهنة عن أمي التي احترفتها منذ القدم، كنت أراها تمسك الخيوط الحريرية وتضع القماش بيدها وتبدأ بنسج الخيوط في أشكال متعددة فتارة تشغل أشكالاً هندسية وأخرى تشغل وروداً في ترتيب ودقة ونظام" مضيفة:"أذكر أنها كانت تقتني عدداً من المشغولات اليدوية فكان لديها ثوب طرزته بيدها كان ثوب مدينة يافاً بلدتها الأصلية وتتابع:"كما كانت أمي تقتني مفرشاً كبيراً قالت إنها طرزته في جهازها ما زلت أحتفظ به إلى الآن، وأشارت إلى ابنتها أن تحضره.. كان روعة في الجمال تناسق في الألوان والأشكال بدا وكأنه لوحة فنية لأمهر فناني العالم..
تقول أم هاني:"أمي كانت تهوى العمل بالتطريز.. لم يكن هناك ما يجبرها على هذه المهنة سوى شغفها بالتراث الفلسطيني وصيانته وحفظه، أما أنا فالحال مختلف نعم أحب التطريز ولكني ـ لا أخفي عليك ـ مجبرة عليه فبعد استشهاد زوجي في انتفاضة الأقصى لم أجد طريقاً لسد رمق أطفالي الخمسة سوى العمل وبما أني محترفة وماهرة في التطريز فجعلته مهنتي المفضلة التي أعيش من رزقها الذي يكون محدوداً في بعض الأوقات وتتابع لكن الحمد لله مستورة" وتستطرد حديثها قائلة من خلال عملي في التطريز ألبي حاجات أطفالي الأساسية أؤمن لهم قدراً من المعيشة الكريمة وتضيف أنا فخورة بعملي هذا حيث أنني أشعر بأهمية عملي ولو كان بسيطاً في إحياء التراث الفلسطيني.
الإثنين سبتمبر 20, 2021 3:48 pm من طرف هديل الحمام
» عدرا يا فلسطين????????
الإثنين يوليو 26, 2021 9:28 pm من طرف هديل الحمام
» كورونا - الشاعر : عطا سليمان رموني
الأربعاء يونيو 09, 2021 9:08 pm من طرف اسطورة المنتدى
» رحل ولن يعود
السبت فبراير 20, 2021 7:05 pm من طرف هديل الحمام
» كوفيتي عنواني
السبت فبراير 20, 2021 7:00 pm من طرف هديل الحمام
» كل يوم نصيحه ومعلومه
السبت فبراير 20, 2021 6:49 pm من طرف هديل الحمام
» اللهم ارفع مقتك وغضبك عنا - الشاعر : عطا سليمان رموني
الثلاثاء فبراير 02, 2021 6:35 pm من طرف اسطورة المنتدى
» هنيال من عطا له أخ - الشاعر : عطا سليمان رموني
السبت يونيو 20, 2020 3:14 pm من طرف اسطورة المنتدى
» الأخذ بالأسباب - الشاعر : عطا سليمان رموني
الأحد مارس 15, 2020 10:50 am من طرف عطا سليمان رموني
» بعد غياب طويل عدت لكم من جديد هديل الحمام
الثلاثاء مارس 03, 2020 6:04 pm من طرف عازفة المشاعر
» رعاية ذوي الاعاقة - الشاعر : عطا سليمان رموني
الثلاثاء فبراير 18, 2020 11:44 am من طرف الشاعر عطا سليمان رموني
» صفقة القرن اللعينة - الشاعر : عطا سليمان رموني
الجمعة يناير 31, 2020 9:11 pm من طرف الشاعر عطا سليمان رموني
» شافي انت الشافي - الشاعر : عطا سليمان رموني
الإثنين ديسمبر 30, 2019 6:20 am من طرف الشاعر عطا سليمان رموني
» اصحب للجماعة - الشاعر عطا سليمان رموني
الأحد ديسمبر 15, 2019 7:17 am من طرف الشاعر عطا سليمان رموني
» يا ارضا عشقنا تربها الغالي
الخميس أكتوبر 10, 2019 8:25 am من طرف driss78