المّبَيضْ صورة محكية لمهنة تراثية شعبية بادت

بقى أثاث الدار خشب ونحاس وفخار ، الخشب بقينا نحفره ، والفخار نصنعه ، والنحاس نشتريه من السوق
وبقى النحاس مثل الذهب ، كل ما عِتِق إجا طيبه وزاد حقه ، ذخيره من ذخايرالدار ، قيمتها بتعلى وبتفوق
الخشب والفخار ، وشغلات الدار ، وبتشتهر عند الناس ، فلان اللي اعطاه يعطينا ، عنده نحاس مرقوق
بقى الدست مصنوع من النحاس ، والصحون و-----ادي ، والهاون والكرامي ، والمزيكاتيه بصنعوا منه البوق
وعدّة المطعمجي ، قبل ما تطلع الماكينه اللي بتطحنه مثل اللبن -----ادي ، بقت عنده زبدية نحاس للحمص المدقوق
وبقى المطعمجي الشاطر يصنع بأيده الأكلات الشهيه ، ويتميز فيها ، قبل ما صار اللي ما بسوا عَ اللي بسوا يفوق
وبقت ها لعِدّه من النحاس لِصفر ولاَّ لِحْمَر ، وجرة الفول ، وعدّة السمكري ، كاوي اللحام لسد الفتحات ولِخزوق
************************
وها النحاس بقى ينطلي بماده ، تلاقي لمعته بيضا مثل الفضه ، تحمي الإنسان وتحافظ عَ صحته من الغدر والبوق
بقى النحاس إذا ما تبَيَّض ايجَنَنزِّر، ويطلع ماده حضرا ، وخصوصا مع الحوامض اللي بمرق الموت منها مروق
وحتى نِأمَن الصحه تمام التمام ، وعال العال ، لازم تبقى بينّا وبين الجنزيره معركه نعمل حواليها طوق
كون ييجي مبيض النحاس بين فتره وفتره زاير كريم ، صانع مبدع نستناه بلهفة العاشق عَ جنحان الشوق
ونحمل نحاسنا اللي صار لازم يجدد شبابه ، ونستل منه الهرم والشيخوخه ، ونزيل آثار الإستعمال ولِحروق
بقى لِمبيض فارد جنب الجامع ساحه ، يحط النحاته ، ولاَّ التراب الخشن ، ويقف جوا القِدِر من التراب وفوق
ويصير يفرك برجليه ، اللي بشوفه بقول برقص ، بس هو بشتغل بحق الله ، ويراعي صالح -----اين ولِحقوق
************************
أكيد لِمبَيِّض بقى مبدع بصنعته رغم بساطتها ، وأكيد صنعته مش بسيطه ، ولا على هامش الصناعات في فراغ مزقوق
لِمّبَيِّض بقى بعد ما ينظف ها لآنيه ويفركها بالميه والتراب الخشن ، بأيديه الخشنه ، ورجليه الغليظه اللي كلها شقوق
يجيب مية نار وتوتيا ، والتوتيا زنك يطّفي مية النار ، ويصهرها عَ الفحم اللي ببقى يطقطق شرار مجَمر ومحروق
وبشقفة شريطه يغَمِّس ها لمادّه ، ويدهن الآنيه اللي بتصير غِيّه من حالاتها تباهي بلونها الناصع كل مشحبر ومدعوق
وتصير آنيه صِحّيه ، أطبخ فيها ولا تهاب ، دق الحمص في -----ديه واتطمَّن ، وانفض من الجرّه مدمس وفول مسلوق
لِمبيض جدد سباب انحاسياتك اللي جنزرت وصارت الماده الخضرا اللي بتسمم وبيقتل وبتجمد الدم في لِعروق
تمضي في سبيلها ، إتجُّر ثياب الخيبه ، مودعه بمية النار والتوتيا ، وإيده الخشنه ، ورجليه المليانه شقوق
************************
بقت دار سيدي مضافه ، بكل معنى المضافه ، وبقى النحاس وين ما درت البصر تشوفه قدّامك ومنك وفوق
بقى الفانوس معلق في السقف ولاَّ بكوة الدار شامخ ، عالي يمثل في مضافة سيدي الثريا ونجمة لِعيوق
وبقى المنقل نحاس ، وادلال القهوه شامخه عَ جنب الجمر ، ريحة قهوتها تعبق ، تسحر الشارب لمّا منها تذوق
وبقى البابور نحاس والدست والطناجر نحاس ، وزبدية دق الحمص والهاون وجرة سلق الفول ، غرّة تاج السوق
وبقت الصواني والكرامي ، إشي تبييض وإشي تلميع ب لِبرانسو ، برجع يوِّج وَج ، ويتلامع مثل لِبروق
وبقى لِمّبَيِّض يرفع راسه عالي ، بعد ما يحقق كل العمل ، ويجدد نحاسيات الناس ويمنحهم فرصه ، يظل نحاسهم مرموق
وبعدها يحمل عدّته ويرحل عَ قريه ثانيه ، يستنوه على جمر النار ، سالم غانم ، من الله ثم من ذراعه مرزوق

تقرأ بلجة أهل سنجل

شكرا
لك عزيزتي
هديل
مهن رائعة وحلوة