أغراضه واتجاهاته
لقد كان من أثر الحياة العامة ان اتجه الشعر في اتجاهات ثلاثة :
1- الشعر السياسي : وهو لون يختلط فيه المدح والفخر والهجاء والاقناع , وكان رجاله يدعون الى مذاهبهم السياسية واحزابهم , فالاخطل مثلا يدعو لبني امية والكميت بن زيد يدعو لبني هاشم وعبد الله بن قيس الرقيات يدعو الى -----يريين وقطري بن الفجاءة يدعو الى الخوارج ...
2- شعر الهجاء وأقطابه جرير والفرزدق والاخطل وهؤلاء الشعراء الثلاثة هم اهم شعراء هذا العصر (هم المعروفون بشعراء النقائض) والنقائض معناها ان ينظم الشاعر قصيدة في الفخر او الهجاء على وزن وقافية فيرد عليه عليه شاعر اخر بقصيدة اخرى ينقض بها فخره او هجاءه بنفس الوزن والقافية
كلمة موجزة عن نشأة النقائض
حدث اول اشتباك في النقاتئض بين جرير وشاعر يقال له غسان السُّليطي .فلما انتصر عليه جرير انبرى له شاعر من قوم الفرزدق يقال له البعيث فانتصر لغسان وهجا جريرا
فصب عليه جرير صاعقة من الهجاء وتعرض في شعره لقبيلة الفرزدق ونساء مجاشع فذهبت النساء للفرزدق واستغثنه, فهب يناقض جريرا ويهجوه وظل الهجاء مستعيرا بينهما فانظم الاخطل التغلبي الى الفرزدق وفضله على جرير فما كان من جرير الى ان ينقض عليه ايضا وهجاه واكثر من تعييره بالكفر واكل لحم الخنزير لان الاخطل كان نصرانيا
وقد اوقع سوء الحظ شاعرا يقال له الراعي النميري في عداء جرير لانه فضل الفرزدق على جرير فهجاه جرير بقصيدة هدم فيها قبيلته مع انه من بيت عز وشرف ومنها قوله
إذا غضبت عليك بنو تميم == حسبت النس كلهم غضابا
فغض الطرف انك من نمير == فلا كعبا بلغت ولا كلابا
3- الاتجاه الثالث : شعر الغزل وشاع في الحجاز بسبب اللهو والترف وتفرع الغزل الى قسمين
1- الغزل العذري وهو غزل عفيف طاهر لا يهتم بجما المرأة بقدر ما يهتم بشفافية روحها وعفافها ومن رواده ( جميل بثينة , قيس بن الملوح , كثير عزة ...)
2- الغزل الماجن ( الصريح) زعيم هذا النوع من الشعر هو عمر بن ابي ربيعة وهناك الاحوص والعرجي وغيرما
الخصائص الفنية للشعر في العصر الاموي
ظل الشعر الاموي في خصائصه الفنية كانه امتداد للشعر الجاهلي في لفظه ومعناه وسير القصيدة ولكن امرا واحدا طرأ على الشعر العربي منذ ظهور الاسلام وظل حتى يومنا هذا وبدا واضحا في الشعر الاموي وهو تاثر الشعراء بالفاظ القران الكريم والمعاني الاسلامية
وهناك خاصية اخرى لالفاظ الشعر الديد وهي ميله للسهولة والرقة عموما اللم الا في شعر الرجز الذي يمتز بالخشونة وغريب الافاظ
وفيما عدا هاتين الخاصيتين فقد بقي الشعر في خصائصه كالشعر الجاهلي من حيث جزالة اللفظ وقوة التراكيب ونظام القصيدة وتفكك الروابط المعنوية
حال كل من الشعر والنثر في العصر الأموي
مرّ الشعراء بحالة من الركود في العصر الإسلامي، ولما قامت الدولة الأموية انطلق الشعر مزدهرًا مرة أخرى في كل المجالات كما كان في العصر الجاهلى بسبب تعدد الأحزاب السياسية وكثرة المفاخرة بين الشعراء ، بالإضافة إلى فساد الحكم وإطلاق حرية التعبير فازدهر شعر الغزل بنوعيه: العفيف والصريح، وظهر شعر النقائض على ألسنة الشعراء
تقدم النثر في العصر الإسلامي على الشعر لنزول القرآن نثراً وكذلك الحديث الشريف وقد استمر ازدهار النثر في العصر الأموى، وتعددت فنونه نظرًا لتعدد الأحزاب السياسية في هذا العصر وشدة الصراع بينها، وحاجة كل حزب إلى متحدثين بارعين في فن القول يؤيدون مبادئه ويهدمون مبادئ غيره
الأسباب التى أدت إلى ازدهار الشعر في العصر الأموى
( أ ) ظهور الأحزاب السياسية .
( ب ) عودة العصبية القبلية .
( ج ) التنافس بين الشعراء
( د ) حياة الترف وكثرة مجالس اللهو والغن
الفرزدق
حياته:
هو همام بن غالب، كنيته أبو فراس ولقبه الفرزدق، ولقب به، لغلظة في وجهه. ولد الشاعر الفرزدق في بيت يكتنفه الشرف والسيادة من كل جانب، فأبوه غالب أحد أجواد العرب.. ولد بالبصرة، ونشا في باديتها.. كان الفرزدق متقلبا في مزاجه وعلاقاته الاجتماعية، فقد يمدح الرجل اليوم ليهجوه في يوم آخر.
قيل إنه نظم الشعر صغيرًا.. دارت بين الفرزدق وجرير الشاعر الأموي أيضًا، حرب هجائية دامت نحو خمسين سنة، وكان لتلك الحرب الشعرية صدى واسع في البلاد، وضج بها"المربد" سوق البصرة، وانقسم الناس قسمين، كل قسم يؤيد هذا الشاعر أو ذاك.
توفي الفرزدق بالبصرة سنة 114ه وقد شارف على التسعين.
كان التكسب مرماه في أكثر الأحوال، فمدح ورثى وهجا، فها نحن نتوقف قليلا عند مديحه.
شعره في المديح
مدح الفرزدق خلفاء بني أمية على أنهم أولى الناس بتراث الخلافة، وأحق الناس بالملك، وهم كالقمر يهتدي به، وسيوفهم هي سيوف الله التي يضرب بها الأعداء، وإذا النصر حليفهم، لأن الله معهم، وإذا الهدى مشرق من وجوههم، منهم الهادون والمهديون.. وتذكر الكتب والمراجع، أن الخليفة "هشام بن عبد الملك" حج على عهد أبيه وطاف بالبيت، وحاول أن يصل إلى الحجر الأسود فلم يستطع لشدة الزحام، فنصب له كرسي وجلس عليه ينظر إلى الناس، وحوله جماعة من أهل الشام. وفيما هو كذلك أقبل"زين العابدين" فطاف بالبيت، ولما انتهى إلى الحجر انشقت له الصفوف ومكنته من استلامه، فقال رجل من الشام لهشام:
من هذا الذي هابه الناس هذه الهيبة؟
فقال هشام"
لا أعرفه، وخاف أن يذكر اسمه فيرغبهم فيه.
وكان الفرزدق حاضرًا فقال: أنا أعرفه.
فقال الشامي: ومن هو يا أبا فراس؟، فقال قصيدته الشهيرة في مدح زين العابدين، فغضب هشام وحبسه، فهجاه الفرزدق.
أنشد الشاعر الفرزدق قصيدة يمدح فيها"زين العابدين":
هذا الذي تعرف البطحاء وطأته **** والبيت يعرفه والحل والحرم
هذا ابن خير عباد الله كلهم **** هذا التقي النقي الطاهر العلم
هذا ابن فاطمة إن كنت جاهله **** بجده أنبياء الله قد ختموا
ما قال لا قط إلا في تشهده **** لولا التشهد كانت لاءه نعم
إذا رأته قريش قال قائلها **** إلى مكارم هذا ينتهي الكرم
فخر الفرزدق
الشاعر يمزج بين الفخر والهجاء، فالهجاء عنده موضوع في جو فسيح من الفخر والتبجح... أما موضوع فخره فهو في قومه ونفسه، وفخره بقومه اشد منه بنفسه، إنه أعز الناس بيتًا وأرفعهم شرفًا وأوسعهم خيرًا وكرمًا، وهم ذوو العقول التي توازي الجبال، والثبات الذي لا يزعزع..
ولقد برع الفرزدق براعة فائقة في الفخر، ذلك لأن شرف آبائه وأجداده قد مهد له سبيل القول بالفخر، وتطاول على جرير وتحداه أن يأتيه بمثل آبائه وقومه:
أولئك آبائي فجئني بمثلهم **** إذا جمعتنا ياجرير المجامع
فيا عجبًا حتى كليب تسبني**** كأن أباها نهشل أو مجاشع
كانت غاية الفرزدق في هجره الاستعلاء على جرير، فكان فخره في الغالب ممتزجًا بهجاء جرير ورهطه..
وفي فخره بقومه يصفهم بالمكارم التي كان العرب يفاخرون بها، ككثرة العدد وحماية الجار والبأس في القتال، وشرف المنزلة، وقري الضيف، ونباهة الذكر، ورجاحة العقل. ثم يعدد آباءه ويذكر مآثر كل منهم.. حتى أن الفرزدق يستغل بعض الحوادث التي هجاه بها خصمه جرير، فيجيد الاعتذار لها ويحولها على فخر، فهو حين عجز عن قتل الأسير الرومي الذي دفع إليه قال:
ولا نقتل الأسرى ولكن نفكهم **** إذا أثقل الأعناق حمل المغارم
وهذه أبيات يفخر الفرزدق فيها بنفسه وبقومه، فيقول:
إن الذي سمك السماء بنى لنا **** بيتًا دعائمه أعز وأطول
أحلامنا تزن الجبال رزانة **** وتخالنا جنًا إذا ما نجهل
وهب القصائد لي النوابغ إذ مضوا**** وأبو يزيد، وذو القروح، وجرول
فالفرزدق يقول:
إن الله أعطى قومه عزًا وشرفًا، أكثر من جرير وقومه.. فعقولنا تساوي بوزنها وتفكيرها وزن الجبال، كما أنها توازنها ثباتًا ورسوخًا، على أننا في الحروب والدفاع عن كياننا نصبح محاربين أشداء قساة فيما إذا ما حملنا أحد على الغضب.
فكرة عن النقائض الشعرية
ذكرنا أن المعركة الشعرية نشبت بين الفرزدق وجرير ودامت أكثر من خمسين عامًا، فالنقائض قصائد امتزج فيها الهجاء والفخر، وكثرت فيها الإشارة إلى ماضي القبائل في الجاهلية وحاضرها في عهد بني أمية، يقول الشاعر قصيدته، فيرد عليه خصمه بقصيدة من وزنها وقافيتها ويتعقب أفكاره ومعانيه، فيردها عليه..
على أن فن النقائض نشأ أول ما نشأ في العصر الجاهلي وامتد حتى ازدهر في العصر الأموي الذي استيقظت فيه العصبية بعد أن أضعفها الإسلام، وانضمت إلى العوامل القبلية عوامل أخرى سياسية واجتماعية واقتصادية وشخصية.. فكانت نقائض هذا العصر تختلف عن نقائض العصر الجاهلي بطولها وإفحاشها واتساع الخيال فيها..
هذا ومن المعروف أن النقائض تقوم على الهجاء، وفن الهجاء بدوره قائم على أمور ثلاثة: الأول أن يذكر الشاعر معايب خصمه ومثالب قبيلته بنفسه وبقبيلته.. والثاني تناول الأغراض وقذف المحصنات والشتائم.. والثالث تصوير الخصم بصورة ساخرة تحمل القارىء أو السامع على الضحك..
الفرزدق شاعر الوصف
لقد كان من أثر الحياة العامة ان اتجه الشعر في اتجاهات ثلاثة :
1- الشعر السياسي : وهو لون يختلط فيه المدح والفخر والهجاء والاقناع , وكان رجاله يدعون الى مذاهبهم السياسية واحزابهم , فالاخطل مثلا يدعو لبني امية والكميت بن زيد يدعو لبني هاشم وعبد الله بن قيس الرقيات يدعو الى -----يريين وقطري بن الفجاءة يدعو الى الخوارج ...
2- شعر الهجاء وأقطابه جرير والفرزدق والاخطل وهؤلاء الشعراء الثلاثة هم اهم شعراء هذا العصر (هم المعروفون بشعراء النقائض) والنقائض معناها ان ينظم الشاعر قصيدة في الفخر او الهجاء على وزن وقافية فيرد عليه عليه شاعر اخر بقصيدة اخرى ينقض بها فخره او هجاءه بنفس الوزن والقافية
كلمة موجزة عن نشأة النقائض
حدث اول اشتباك في النقاتئض بين جرير وشاعر يقال له غسان السُّليطي .فلما انتصر عليه جرير انبرى له شاعر من قوم الفرزدق يقال له البعيث فانتصر لغسان وهجا جريرا
فصب عليه جرير صاعقة من الهجاء وتعرض في شعره لقبيلة الفرزدق ونساء مجاشع فذهبت النساء للفرزدق واستغثنه, فهب يناقض جريرا ويهجوه وظل الهجاء مستعيرا بينهما فانظم الاخطل التغلبي الى الفرزدق وفضله على جرير فما كان من جرير الى ان ينقض عليه ايضا وهجاه واكثر من تعييره بالكفر واكل لحم الخنزير لان الاخطل كان نصرانيا
وقد اوقع سوء الحظ شاعرا يقال له الراعي النميري في عداء جرير لانه فضل الفرزدق على جرير فهجاه جرير بقصيدة هدم فيها قبيلته مع انه من بيت عز وشرف ومنها قوله
إذا غضبت عليك بنو تميم == حسبت النس كلهم غضابا
فغض الطرف انك من نمير == فلا كعبا بلغت ولا كلابا
3- الاتجاه الثالث : شعر الغزل وشاع في الحجاز بسبب اللهو والترف وتفرع الغزل الى قسمين
1- الغزل العذري وهو غزل عفيف طاهر لا يهتم بجما المرأة بقدر ما يهتم بشفافية روحها وعفافها ومن رواده ( جميل بثينة , قيس بن الملوح , كثير عزة ...)
2- الغزل الماجن ( الصريح) زعيم هذا النوع من الشعر هو عمر بن ابي ربيعة وهناك الاحوص والعرجي وغيرما
الخصائص الفنية للشعر في العصر الاموي
ظل الشعر الاموي في خصائصه الفنية كانه امتداد للشعر الجاهلي في لفظه ومعناه وسير القصيدة ولكن امرا واحدا طرأ على الشعر العربي منذ ظهور الاسلام وظل حتى يومنا هذا وبدا واضحا في الشعر الاموي وهو تاثر الشعراء بالفاظ القران الكريم والمعاني الاسلامية
وهناك خاصية اخرى لالفاظ الشعر الديد وهي ميله للسهولة والرقة عموما اللم الا في شعر الرجز الذي يمتز بالخشونة وغريب الافاظ
وفيما عدا هاتين الخاصيتين فقد بقي الشعر في خصائصه كالشعر الجاهلي من حيث جزالة اللفظ وقوة التراكيب ونظام القصيدة وتفكك الروابط المعنوية
حال كل من الشعر والنثر في العصر الأموي
مرّ الشعراء بحالة من الركود في العصر الإسلامي، ولما قامت الدولة الأموية انطلق الشعر مزدهرًا مرة أخرى في كل المجالات كما كان في العصر الجاهلى بسبب تعدد الأحزاب السياسية وكثرة المفاخرة بين الشعراء ، بالإضافة إلى فساد الحكم وإطلاق حرية التعبير فازدهر شعر الغزل بنوعيه: العفيف والصريح، وظهر شعر النقائض على ألسنة الشعراء
تقدم النثر في العصر الإسلامي على الشعر لنزول القرآن نثراً وكذلك الحديث الشريف وقد استمر ازدهار النثر في العصر الأموى، وتعددت فنونه نظرًا لتعدد الأحزاب السياسية في هذا العصر وشدة الصراع بينها، وحاجة كل حزب إلى متحدثين بارعين في فن القول يؤيدون مبادئه ويهدمون مبادئ غيره
الأسباب التى أدت إلى ازدهار الشعر في العصر الأموى
( أ ) ظهور الأحزاب السياسية .
( ب ) عودة العصبية القبلية .
( ج ) التنافس بين الشعراء
( د ) حياة الترف وكثرة مجالس اللهو والغن
الفرزدق
حياته:
هو همام بن غالب، كنيته أبو فراس ولقبه الفرزدق، ولقب به، لغلظة في وجهه. ولد الشاعر الفرزدق في بيت يكتنفه الشرف والسيادة من كل جانب، فأبوه غالب أحد أجواد العرب.. ولد بالبصرة، ونشا في باديتها.. كان الفرزدق متقلبا في مزاجه وعلاقاته الاجتماعية، فقد يمدح الرجل اليوم ليهجوه في يوم آخر.
قيل إنه نظم الشعر صغيرًا.. دارت بين الفرزدق وجرير الشاعر الأموي أيضًا، حرب هجائية دامت نحو خمسين سنة، وكان لتلك الحرب الشعرية صدى واسع في البلاد، وضج بها"المربد" سوق البصرة، وانقسم الناس قسمين، كل قسم يؤيد هذا الشاعر أو ذاك.
توفي الفرزدق بالبصرة سنة 114ه وقد شارف على التسعين.
كان التكسب مرماه في أكثر الأحوال، فمدح ورثى وهجا، فها نحن نتوقف قليلا عند مديحه.
شعره في المديح
مدح الفرزدق خلفاء بني أمية على أنهم أولى الناس بتراث الخلافة، وأحق الناس بالملك، وهم كالقمر يهتدي به، وسيوفهم هي سيوف الله التي يضرب بها الأعداء، وإذا النصر حليفهم، لأن الله معهم، وإذا الهدى مشرق من وجوههم، منهم الهادون والمهديون.. وتذكر الكتب والمراجع، أن الخليفة "هشام بن عبد الملك" حج على عهد أبيه وطاف بالبيت، وحاول أن يصل إلى الحجر الأسود فلم يستطع لشدة الزحام، فنصب له كرسي وجلس عليه ينظر إلى الناس، وحوله جماعة من أهل الشام. وفيما هو كذلك أقبل"زين العابدين" فطاف بالبيت، ولما انتهى إلى الحجر انشقت له الصفوف ومكنته من استلامه، فقال رجل من الشام لهشام:
من هذا الذي هابه الناس هذه الهيبة؟
فقال هشام"
لا أعرفه، وخاف أن يذكر اسمه فيرغبهم فيه.
وكان الفرزدق حاضرًا فقال: أنا أعرفه.
فقال الشامي: ومن هو يا أبا فراس؟، فقال قصيدته الشهيرة في مدح زين العابدين، فغضب هشام وحبسه، فهجاه الفرزدق.
أنشد الشاعر الفرزدق قصيدة يمدح فيها"زين العابدين":
هذا الذي تعرف البطحاء وطأته **** والبيت يعرفه والحل والحرم
هذا ابن خير عباد الله كلهم **** هذا التقي النقي الطاهر العلم
هذا ابن فاطمة إن كنت جاهله **** بجده أنبياء الله قد ختموا
ما قال لا قط إلا في تشهده **** لولا التشهد كانت لاءه نعم
إذا رأته قريش قال قائلها **** إلى مكارم هذا ينتهي الكرم
فخر الفرزدق
الشاعر يمزج بين الفخر والهجاء، فالهجاء عنده موضوع في جو فسيح من الفخر والتبجح... أما موضوع فخره فهو في قومه ونفسه، وفخره بقومه اشد منه بنفسه، إنه أعز الناس بيتًا وأرفعهم شرفًا وأوسعهم خيرًا وكرمًا، وهم ذوو العقول التي توازي الجبال، والثبات الذي لا يزعزع..
ولقد برع الفرزدق براعة فائقة في الفخر، ذلك لأن شرف آبائه وأجداده قد مهد له سبيل القول بالفخر، وتطاول على جرير وتحداه أن يأتيه بمثل آبائه وقومه:
أولئك آبائي فجئني بمثلهم **** إذا جمعتنا ياجرير المجامع
فيا عجبًا حتى كليب تسبني**** كأن أباها نهشل أو مجاشع
كانت غاية الفرزدق في هجره الاستعلاء على جرير، فكان فخره في الغالب ممتزجًا بهجاء جرير ورهطه..
وفي فخره بقومه يصفهم بالمكارم التي كان العرب يفاخرون بها، ككثرة العدد وحماية الجار والبأس في القتال، وشرف المنزلة، وقري الضيف، ونباهة الذكر، ورجاحة العقل. ثم يعدد آباءه ويذكر مآثر كل منهم.. حتى أن الفرزدق يستغل بعض الحوادث التي هجاه بها خصمه جرير، فيجيد الاعتذار لها ويحولها على فخر، فهو حين عجز عن قتل الأسير الرومي الذي دفع إليه قال:
ولا نقتل الأسرى ولكن نفكهم **** إذا أثقل الأعناق حمل المغارم
وهذه أبيات يفخر الفرزدق فيها بنفسه وبقومه، فيقول:
إن الذي سمك السماء بنى لنا **** بيتًا دعائمه أعز وأطول
أحلامنا تزن الجبال رزانة **** وتخالنا جنًا إذا ما نجهل
وهب القصائد لي النوابغ إذ مضوا**** وأبو يزيد، وذو القروح، وجرول
فالفرزدق يقول:
إن الله أعطى قومه عزًا وشرفًا، أكثر من جرير وقومه.. فعقولنا تساوي بوزنها وتفكيرها وزن الجبال، كما أنها توازنها ثباتًا ورسوخًا، على أننا في الحروب والدفاع عن كياننا نصبح محاربين أشداء قساة فيما إذا ما حملنا أحد على الغضب.
فكرة عن النقائض الشعرية
ذكرنا أن المعركة الشعرية نشبت بين الفرزدق وجرير ودامت أكثر من خمسين عامًا، فالنقائض قصائد امتزج فيها الهجاء والفخر، وكثرت فيها الإشارة إلى ماضي القبائل في الجاهلية وحاضرها في عهد بني أمية، يقول الشاعر قصيدته، فيرد عليه خصمه بقصيدة من وزنها وقافيتها ويتعقب أفكاره ومعانيه، فيردها عليه..
على أن فن النقائض نشأ أول ما نشأ في العصر الجاهلي وامتد حتى ازدهر في العصر الأموي الذي استيقظت فيه العصبية بعد أن أضعفها الإسلام، وانضمت إلى العوامل القبلية عوامل أخرى سياسية واجتماعية واقتصادية وشخصية.. فكانت نقائض هذا العصر تختلف عن نقائض العصر الجاهلي بطولها وإفحاشها واتساع الخيال فيها..
هذا ومن المعروف أن النقائض تقوم على الهجاء، وفن الهجاء بدوره قائم على أمور ثلاثة: الأول أن يذكر الشاعر معايب خصمه ومثالب قبيلته بنفسه وبقبيلته.. والثاني تناول الأغراض وقذف المحصنات والشتائم.. والثالث تصوير الخصم بصورة ساخرة تحمل القارىء أو السامع على الضحك..
الفرزدق شاعر الوصف
الإثنين سبتمبر 20, 2021 3:48 pm من طرف هديل الحمام
» عدرا يا فلسطين????????
الإثنين يوليو 26, 2021 9:28 pm من طرف هديل الحمام
» كورونا - الشاعر : عطا سليمان رموني
الأربعاء يونيو 09, 2021 9:08 pm من طرف اسطورة المنتدى
» رحل ولن يعود
السبت فبراير 20, 2021 7:05 pm من طرف هديل الحمام
» كوفيتي عنواني
السبت فبراير 20, 2021 7:00 pm من طرف هديل الحمام
» كل يوم نصيحه ومعلومه
السبت فبراير 20, 2021 6:49 pm من طرف هديل الحمام
» اللهم ارفع مقتك وغضبك عنا - الشاعر : عطا سليمان رموني
الثلاثاء فبراير 02, 2021 6:35 pm من طرف اسطورة المنتدى
» هنيال من عطا له أخ - الشاعر : عطا سليمان رموني
السبت يونيو 20, 2020 3:14 pm من طرف اسطورة المنتدى
» الأخذ بالأسباب - الشاعر : عطا سليمان رموني
الأحد مارس 15, 2020 10:50 am من طرف عطا سليمان رموني
» بعد غياب طويل عدت لكم من جديد هديل الحمام
الثلاثاء مارس 03, 2020 6:04 pm من طرف عازفة المشاعر
» رعاية ذوي الاعاقة - الشاعر : عطا سليمان رموني
الثلاثاء فبراير 18, 2020 11:44 am من طرف الشاعر عطا سليمان رموني
» صفقة القرن اللعينة - الشاعر : عطا سليمان رموني
الجمعة يناير 31, 2020 9:11 pm من طرف الشاعر عطا سليمان رموني
» شافي انت الشافي - الشاعر : عطا سليمان رموني
الإثنين ديسمبر 30, 2019 6:20 am من طرف الشاعر عطا سليمان رموني
» اصحب للجماعة - الشاعر عطا سليمان رموني
الأحد ديسمبر 15, 2019 7:17 am من طرف الشاعر عطا سليمان رموني
» يا ارضا عشقنا تربها الغالي
الخميس أكتوبر 10, 2019 8:25 am من طرف driss78