قد تباينت مواقف النقاد العرب حول هذه القضية ، فمنهم من ربط قيمة الشعر الحق بالصدق ونفى عنه الكذب ، ومنهم من وقف موقفاً وسطاً ،ومنهم من وقف حائراً إزاءها لا يدري ماذا يقول .
وكما اختلف النقاد قديماً اختلفوا حديثاً .
فذهب النقاد في العصر الحديث في هذه المسألة مذهبين :
- مذهب يرى أصحابه أن الشعر إبداع ، يعرض الشاعر فيه ما أوحى به خياله إليه ،و خيّلته له نفسه ، وليس لأحد سلطة تكذيبه أو تصديقه لأنه إيحاء النفس ، أو ما انعكس في نفس الشاعر سواء من الواقع الداخلي أو الخارجي .
- ومذهب آخر يرى أن الشعر تصوير للنفس الشاعرة بما انفعلت به ، فهم يؤيدون أصحاب المذهب الأول إلا أنهم يرون أن على الشاعر أن يقيم توازناً بين مثير التجربة الشعرية وبين ما يُحدثه هذا المثير من تعبيرات ، أي أن على الشاعر ألا يطلق العنان للأوهام ، فالصدق لدى هؤلاء هوصدق العاطفة وصدق التعبير عنها
وفي هذه القضية – في النقد القديم – مواقف متباينة للنقاد العرب :
الموقف الأول : بعض النقاد قالوا : ( أحسن الشعر أصدقه ) :
وهو مذهب القائلين بوجوب التزام الشاعر جانب الحق فيما يقول .
ومقياس صدق الشاعر إيثار الحقيقة فيما يصف ، والصدق المقصود هنا هو الإصابة في الوصف ، والمطابقة في التشبيه .
ويمثل هذا المذهب : الجاحظ وابن طباطبا العلوي وابن سلاّم وابن قتيبة
و الآمدي وعبد القاهر الجرجاني وحازم القرطاجني .
أولاً : موقف الجاحظ ( ت : 255 هـ ) :
مال الجاحظ إلى جانب الصدق ، فالجاحظ متكلم يؤمن بدور العقل ، لذلك يشترط على طالب العلم أن يكون بليغاً ، لأن المعرفة الحقيقية لا تكتمل ما لم يعبّر عنها بعبارة مطابقة الكلام لمقتضى الحال ، فالعبارة الواضحة – في نظره – دليل على التفكير الصحيح ، ولذلك هو ميّال إلى الصدق .
ثانياً : موقف ابن طباطبا ( ت 322 هـ ) :
أول من أثار القضية بشكل حاسم هو ابن طباطبا في كتابه ( عيار الشعر ) ،فقد جعل عنصر الصدق أهم عناصر الشعر وأكبر مزاياه ، فالجمل والحق أو الصدق مترادفان عند ابن طباطبا ،ولهذا كانت لفظة الصدق متفاوتة الدلالة عند ابن طباطبا ، فضروب الصدق عنده هي :
1 – الصدق الفني : أو إخلاص الفنان في التعبير عن التجربة الذاتية أو الأصالة في التعبير ، والرجوع إلى الذات في التعبير .
2 – صدق التجربة الإنسانية عامةً : وهذا يتمثل في قبول الفهم للحكمة ، لصدق القول فيها وما أتت به التجارب منها .
3 – الصدق التاريخي : وهذا يتمثل عند اقتصاص خبر أو حكاية كلام ، وقد أجاز ابن طباطبا للشاعر هنا أن يريد أو ينتقص ، إذا اضطر ،شرط أن يكونا يسيرين يعينان ويؤيدان لما يُروى ، كقول الأعشى فيما اقتصّه من خبر السموءل :
4 – الصدق الأخلاقي : وهو نقل الحقيقة الأخلاقية على حالها ، وهو لا مدخل فيه للكذب .
ومن هنا كان ثناء الخلفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه : على زهير بأنه كان يمدح الرجل بما فيه .
5 – الصدق التصويري ( صدق التشبيه ) : واحسن التشبيهات ما إذا عكس لم ينتقض
فالصدق بضروبه المتعددة هو الذي يهيئ الفهم الثاقب لقبول المحتوى والتجربة الشعرية التي يعبر عنها الشاعر ، ففهم ابن طباطبا لوظيفة الشعر يقوم على أساس أخلاقي .
الإثنين سبتمبر 20, 2021 3:48 pm من طرف هديل الحمام
» عدرا يا فلسطين????????
الإثنين يوليو 26, 2021 9:28 pm من طرف هديل الحمام
» كورونا - الشاعر : عطا سليمان رموني
الأربعاء يونيو 09, 2021 9:08 pm من طرف اسطورة المنتدى
» رحل ولن يعود
السبت فبراير 20, 2021 7:05 pm من طرف هديل الحمام
» كوفيتي عنواني
السبت فبراير 20, 2021 7:00 pm من طرف هديل الحمام
» كل يوم نصيحه ومعلومه
السبت فبراير 20, 2021 6:49 pm من طرف هديل الحمام
» اللهم ارفع مقتك وغضبك عنا - الشاعر : عطا سليمان رموني
الثلاثاء فبراير 02, 2021 6:35 pm من طرف اسطورة المنتدى
» هنيال من عطا له أخ - الشاعر : عطا سليمان رموني
السبت يونيو 20, 2020 3:14 pm من طرف اسطورة المنتدى
» الأخذ بالأسباب - الشاعر : عطا سليمان رموني
الأحد مارس 15, 2020 10:50 am من طرف عطا سليمان رموني
» بعد غياب طويل عدت لكم من جديد هديل الحمام
الثلاثاء مارس 03, 2020 6:04 pm من طرف عازفة المشاعر
» رعاية ذوي الاعاقة - الشاعر : عطا سليمان رموني
الثلاثاء فبراير 18, 2020 11:44 am من طرف الشاعر عطا سليمان رموني
» صفقة القرن اللعينة - الشاعر : عطا سليمان رموني
الجمعة يناير 31, 2020 9:11 pm من طرف الشاعر عطا سليمان رموني
» شافي انت الشافي - الشاعر : عطا سليمان رموني
الإثنين ديسمبر 30, 2019 6:20 am من طرف الشاعر عطا سليمان رموني
» اصحب للجماعة - الشاعر عطا سليمان رموني
الأحد ديسمبر 15, 2019 7:17 am من طرف الشاعر عطا سليمان رموني
» يا ارضا عشقنا تربها الغالي
الخميس أكتوبر 10, 2019 8:25 am من طرف driss78