اسماء مدينة القدس عبر العصور

بسم الله الرحمن الرحيم

لقد اطلق على القدس في العصور التاريخية اسماء عدة اقدمها اورشليم حيث ورد هذا الاسم لاول مرة في النصوص الفرعونية التي تعود الى عهد الملك سنوسرت الثالث (1842-1875 ق.م), ثم ورد في رسائل تل العمارنة عام 1400 ق.م, وورد ايضا في الوثائق الاشورية التي تعود لسنة 691ق.م, وتكرر ذكره بالتوراة اكثر من ستمائة مرة, كما ورد في النصوص اليونانية التي تعود الى العهدين اليوناني والروماني (333ق.م-334م) .
وقد اختلف في الاسم الاصلي ومعناه فقيل ان اصله كردي ويتألف من مقطعي: المقطع الاول اور بمعنى المدينة, والمقطع الثاني سالم, ويصبح معناها مدينة سالم نسبة الى اسم ملكها الكنعاني.
وقيل ان اصله آرامي ويتألف من مقطعين: المقطع الاول اور بمعنى مدينة, والمقطع الثاني شليم او شالم بمعنى السلام, وبذلك يكون معناها مدينة السلام., وسميت بذلك نسبة الى الاله شليم اله الغروب والسلام عند الكنعانيين.
بهذا نلاحظ ان الاسم اورشليم هو اسم عربي كنعاني اطلق على المدينة منذ القرن التاسع عشر قبل الميلاد اي قبل قدوم اليهود الى فلسطين واستيلائهم على القدس بسبعة قرون, واستخدم اليهود الاسم الكنعاني ولم يغيروه فتوهم بعض الناس انه اسم عبري, علماً بأن العلماء يتفقون على ان اليهود استعملوا اللغة الكنعانية ثم الآرامية في البداية لان اللغة العبرية تكونت في القرنين السادس والسابع قبل الميلاد.

(الكفافي وآخرون 2001 ص 11-13. العسلي,مكانة القدس عربيا واسلاميا. الموسوعو الفلسطينية م6ص797. سوسة 2003ص29. جلال ادريس2001ص210. الزعبي 1996ص74).

والاسم الثاني يبوس, وهو يدل على القوة والصلابة, وقد ظهر في منتصف الالفية الثانية قبل الميلاد, وسميت المدينة نسبة الى اليبوسيين وهم احدى القبائل الكنعانية, وقد بنوا في المدينة قلعة اطلقوا عليها اسم قلعة صهيون ومعناها المرتفع, وقد اطلق هذا الاسم على اكثر من مرتفع في سوريا القديمة.

(العسلي, مكانة القدس عربيا واسلاميا, الموسوعة الفلسطينية م6ص797, الكفافي وآخرون 2001, عمرو 1987 ص48)

وظلت المدينة تعرف بالاسمين السابقين (اورشليم ويبوس) حتى عهد الامبراطور هدريان الذي هدم القدس بعد ثورة باركوخبا اليهودية (135-132م) وبنى مكانها مدينة جديدة سماها ايليا كابيتولينا, والمقطع الاول مأخوذ من اسم الامبراطور نفسه (ايليوس هدريان), والمقطع الثاني من اسم الاله جوبتر كابيتولينس, وبقيت المدينة تعرف بهذا الاسم حتى نهاية العهد البيزنطي , وظل الاسم ايلياء يطلق على المدينة بعد الفتح الاسلامي حتى نهاية العصر الاموي, اذ ورد الاسم ايلياء في العهدة العمرية , كما وردت فب العلامات الحجرية التي وضعها عبدالملك بن مروان (86هـ) لتحديد المسافات بين القدس ودمشق والرملة, وظهر الاسم على النقود التي ضربت في زمن الايوبيين, كما ورد في شهر الفرزدق (114هـ)
وبيات بيت الله نحن ولاته ****** وبيت بأعلى ايلياء مشرف

(الكفافي وآخرون2001ص30, جونز1987ص96, عليق-القدس اسما وتاريخا. العارف2007ص198. الفرزدق1996ص335).
والاسم الرابع هو بيت المقدس او القدس ويعني المطهر, والمكان الذي يتطهر فيه من الذنوب, وقد عرفت المدينة بهذا الاسم منذ العصر العباسي الاول, فقد وردت بالاسم الجديد في شعر ابي نواس (199هـ)
واصبحن قد فوّزن على نهر فطرس ***** وهن من البيت المقدّس زوّر
وحملت النقود التي ضربها العباسيون في المدينة اسم القدس, وورد ذلك في المصادر الجغرافية وكتب الرحالة, فقد ذكرت بالاسم الجديد عند اليعقوبي (284هـ), ثم الرحالة خسرو الذي زارها سنة 438هـ, وذُكر ان اهل الشام يسمونها القدس ويسميها اهل العراق والمشرق بيت المقدس.

(اليعقوبي1988 ص89, خسرو1945ص19, العارف2007 ص203, مجيد الدين الحبلي1973ص6, ابن منظور 1994ص 169, سبايكر 2008)