الثوب الكنعاني المطرز هويه
فلسطينيه
فلسطينيه
- بينما كان الثوب الفلسطيني الأطول في العالم يتماوج في
مدينة الخليل، قبل أيام، بخيوطه الحريرية وتطريزه الكنعاني، كانت الخمسينية وفاء
جلبي تعاند دمعة فرت من عينها «لحال شعب مكلوم تسرب وطنه بتفاصيله كلها، حتى لباسه
التراثي، من بين أنامله، فهرع لما تبقى منه، كمن يتمسك بالورقة الأخيرة»،
بحسبها.
تعود بذاكرتها لتلك الأيام، حين كانت والدتها تناولها
قطع الحلوى التي خبّأتها لها في «ردن» ثوبها، بينما كانت تمشي وإياها في أزقة
البلدة القديمة في مدينة القدس.
وفي الوقت الذي كانت
تتلقف فيه وفاء «حلاوة الردن» مثلما ظلّت تسميها منذ ذلك الحين، كانت والدتها تسرد
لها عن اصطفاف النسوة الريفيات بأثوابهن الفلاحية في البلدة القديمة في مدينة
القدس، وتحديداً عند باب العامود، لبيع منتوجاتهن من الألبان والثمار، ليغدو المشهد
أقرب للوحة زخرفية من الألوان الزاهية وثيمات التطريز الدالّة على قرية أو بلدة
«لبّاسة» الثوب.
الأربعيني أبو عاهد لا يفتأ يتأمل لوحات
الفن التشكيلي الفلسطيني التي خلّدت كثيراً منها نقشات الثوب
الكنعاني، ومنها لوحات تمام الأكحل وسليمان منصور وإسماعيل شموط، وغيرهم كثر
ممن رافقو بريشاتهم الثوب ومُرتَدِيَاتِه في الحقل، كما في البيت
و"الحاكورة" وفي مواجهة جنود الاحتلال
الإسرائيلي.
يقول «ما زال شغفي بالثوب الفلسطيني طازجاً كما كان؛
فمنذ وعيت ارتبطت في ذهني تفاصيل الوطن بنقشاته
وألوانه».
استياء بالغ يعتري أبوعاهد حين يرى «من
يتاجرون باسم التراث في هذه الأيام ليستدرّوا مبالغ طائلة، مع تفريط كبير في صورة
الثوب الأصلي ونقشاته بداعي التحديث
عليه».
يتساءل «من طالبهم بتحديث
الثوب الفلسطيني؟ و لماذا نجنح نحو تحديثه فيما
الإسرائيليون يسرقون تطريزه ونقشاته الفلسطينية وينسبونها إلى
أنفسهم؟».
بِحُرقةٍ يقول «فلتتحرر فلسطين في البداية ومن ثم
فليُحدّث هؤلاء الفولكلور كما شاؤوا».
على الطرف المقابل،
تقول الشقيقتان ناهد ومنال أبوزيد «ما من مجال للتشكيك بالدور الكبير الذي لعبته
بيوت التطريز التي انتشرت في الآونة الأخيرة، في إحياء التراث الفلاحي الفلسطيني،
أما الأثمان العالية فيستحقها الثوب
الفلسطيني المطرز بعناية ودقة ومواد تستنزف الكثير من
الجهد والوقت والتكاليف».
العشرينيتان ناهد ومنال اختارتا
الثوب الفلسطيني زياً لهما في الاحتفالات
العائلية والفعاليات الفلسطينية التي يرتدنها باستمرار، على الرغم من ارتباط
الثوب الفلسطيني لدى كثيرين بشريحة السيدات
المتقدمات في العمر، بحسبهن، إلا أنهما وجدتا فيه «خير ناطق باسم الهوية الفلسطينية
المهددة بالضياع لدى الأجيال الفلسطينية
الشابة».
وفي وقت تتيه فيه كل منهن فخرا برؤية
التطريز الفلاحي على أثواب كثيرة وشالات و«جاكيتات» وأكياس وأغطية وسائد ومرايا
وبراويز، وفي مراجع عدة منها الكتب والمنشورات والخرائط التراثية وحتى مجموعات
«الفيس بوك»، فإنهما تختلجان ألماً على انتحال الإسرائيليين صبغة
الثوب الفلاحي وتطريزه أمام العالم تحت مسمى
«تراث إسرائيلي».
وكانت القائمة على
«مركز التراث الفلسطيني في بيت لحم» مها السقا، ذكرت في أحد حواراتها السابقة أن
مضيفات طائرات «العال» الإسرائيلية لا ينتحلن الأثواب الفلسطينية فحسب، بل إن
الإسرائيليين وضعوا ثوب العروس التلحمي في المجلد الرابع من الموسوعة العالمية كأحد
أزياء التراث الإسرائيلي.
وتربط السقا، كما
المراجع التراثية الفلسطينية، بين بيئة كل منطقة فلسطينية وخلفية أهلها التاريخية
وبين نقشات ثوبها وألوانه، مهتدية لنتيجة أن «الثوب الفلسطيني في واقع الأمر هو
أكثر من كونه ثوباً، إنه فن وثقافة وتراث، وشعب له مثل هذا التراث هو شعب باقٍ لن
يموت».
حلوة رزق التي طاولت خبرتها في تطريز
الأثواب الفلاحية ما يربو على الـ15 عاماً، تربط بين أصلها الفلاحي وارتداء والدتها
وكل نسوة قريتها المقدسية الثوب
الفلسطيني المطرز، وبين توجهها لمهنة تطريز الأثواب الفلسطينية من مناطق
عدة، منها بيت دجن وبيت لحم ورام الله والقدس وغزة وبئر
السبع.
تقول «ثمة من يطلبن دمج تطريز أكثر من
منطقة فلسطينية في ثوب واحد، وثمة من يطلبن ثوب الانتفاضة المطرز
بالأعلام الفلسطينية والكوفية، وثمة من يُدخِلن عليه ألواناً وقصات جديدة
أقرب إلى الفساتين والجلاّبيات، وثمة عرائس كثيرات بتن يطلبن ثوب العروس الفلسطينية
المطرز، وخصوصاً التلحمي»، بيد أن القاسم المشترك بينهن جميعاً، من وجهة نظرها، هو
الرغبة العارمة في تخليد الهوية الفلسطينية التي يقف الثوب
المطرز على رأس
هرمها.
الأديب الفلسطيني جبرا إبراهيم جبرا كان من بين أولئك
الذين فُتِنوا بالتطريز الفلاحي الفلسطيني، قائلاً عنه «إنه بمجموعهِ يمثل فرحاً
بالحياة، وإقبالاً عليها، وتجاوباً، حتى ليكاد يبدو أنه وليد طقوس هي طقوس الخصب
ورفض الموت والتهليل لقوى الانبعاث في الإنسان كما في الزرع
والضرع».
يضيف بشجن «المرأة الفلسطينية ما نقشت وطرزت ثوباً
لنفسها أو لغيرها إلا وهي تحتدم حساً بروعة الوجود وغزارته، إن هذا التطريز فن
أبدعه حب عارم لكل ما هو حي».
مدينة الخليل، قبل أيام، بخيوطه الحريرية وتطريزه الكنعاني، كانت الخمسينية وفاء
جلبي تعاند دمعة فرت من عينها «لحال شعب مكلوم تسرب وطنه بتفاصيله كلها، حتى لباسه
التراثي، من بين أنامله، فهرع لما تبقى منه، كمن يتمسك بالورقة الأخيرة»،
بحسبها.
تعود بذاكرتها لتلك الأيام، حين كانت والدتها تناولها
قطع الحلوى التي خبّأتها لها في «ردن» ثوبها، بينما كانت تمشي وإياها في أزقة
البلدة القديمة في مدينة القدس.
وفي الوقت الذي كانت
تتلقف فيه وفاء «حلاوة الردن» مثلما ظلّت تسميها منذ ذلك الحين، كانت والدتها تسرد
لها عن اصطفاف النسوة الريفيات بأثوابهن الفلاحية في البلدة القديمة في مدينة
القدس، وتحديداً عند باب العامود، لبيع منتوجاتهن من الألبان والثمار، ليغدو المشهد
أقرب للوحة زخرفية من الألوان الزاهية وثيمات التطريز الدالّة على قرية أو بلدة
«لبّاسة» الثوب.
الأربعيني أبو عاهد لا يفتأ يتأمل لوحات
الفن التشكيلي الفلسطيني التي خلّدت كثيراً منها نقشات الثوب
الكنعاني، ومنها لوحات تمام الأكحل وسليمان منصور وإسماعيل شموط، وغيرهم كثر
ممن رافقو بريشاتهم الثوب ومُرتَدِيَاتِه في الحقل، كما في البيت
و"الحاكورة" وفي مواجهة جنود الاحتلال
الإسرائيلي.
يقول «ما زال شغفي بالثوب الفلسطيني طازجاً كما كان؛
فمنذ وعيت ارتبطت في ذهني تفاصيل الوطن بنقشاته
وألوانه».
استياء بالغ يعتري أبوعاهد حين يرى «من
يتاجرون باسم التراث في هذه الأيام ليستدرّوا مبالغ طائلة، مع تفريط كبير في صورة
الثوب الأصلي ونقشاته بداعي التحديث
عليه».
يتساءل «من طالبهم بتحديث
الثوب الفلسطيني؟ و لماذا نجنح نحو تحديثه فيما
الإسرائيليون يسرقون تطريزه ونقشاته الفلسطينية وينسبونها إلى
أنفسهم؟».
بِحُرقةٍ يقول «فلتتحرر فلسطين في البداية ومن ثم
فليُحدّث هؤلاء الفولكلور كما شاؤوا».
على الطرف المقابل،
تقول الشقيقتان ناهد ومنال أبوزيد «ما من مجال للتشكيك بالدور الكبير الذي لعبته
بيوت التطريز التي انتشرت في الآونة الأخيرة، في إحياء التراث الفلاحي الفلسطيني،
أما الأثمان العالية فيستحقها الثوب
الفلسطيني المطرز بعناية ودقة ومواد تستنزف الكثير من
الجهد والوقت والتكاليف».
العشرينيتان ناهد ومنال اختارتا
الثوب الفلسطيني زياً لهما في الاحتفالات
العائلية والفعاليات الفلسطينية التي يرتدنها باستمرار، على الرغم من ارتباط
الثوب الفلسطيني لدى كثيرين بشريحة السيدات
المتقدمات في العمر، بحسبهن، إلا أنهما وجدتا فيه «خير ناطق باسم الهوية الفلسطينية
المهددة بالضياع لدى الأجيال الفلسطينية
الشابة».
وفي وقت تتيه فيه كل منهن فخرا برؤية
التطريز الفلاحي على أثواب كثيرة وشالات و«جاكيتات» وأكياس وأغطية وسائد ومرايا
وبراويز، وفي مراجع عدة منها الكتب والمنشورات والخرائط التراثية وحتى مجموعات
«الفيس بوك»، فإنهما تختلجان ألماً على انتحال الإسرائيليين صبغة
الثوب الفلاحي وتطريزه أمام العالم تحت مسمى
«تراث إسرائيلي».
وكانت القائمة على
«مركز التراث الفلسطيني في بيت لحم» مها السقا، ذكرت في أحد حواراتها السابقة أن
مضيفات طائرات «العال» الإسرائيلية لا ينتحلن الأثواب الفلسطينية فحسب، بل إن
الإسرائيليين وضعوا ثوب العروس التلحمي في المجلد الرابع من الموسوعة العالمية كأحد
أزياء التراث الإسرائيلي.
وتربط السقا، كما
المراجع التراثية الفلسطينية، بين بيئة كل منطقة فلسطينية وخلفية أهلها التاريخية
وبين نقشات ثوبها وألوانه، مهتدية لنتيجة أن «الثوب الفلسطيني في واقع الأمر هو
أكثر من كونه ثوباً، إنه فن وثقافة وتراث، وشعب له مثل هذا التراث هو شعب باقٍ لن
يموت».
حلوة رزق التي طاولت خبرتها في تطريز
الأثواب الفلاحية ما يربو على الـ15 عاماً، تربط بين أصلها الفلاحي وارتداء والدتها
وكل نسوة قريتها المقدسية الثوب
الفلسطيني المطرز، وبين توجهها لمهنة تطريز الأثواب الفلسطينية من مناطق
عدة، منها بيت دجن وبيت لحم ورام الله والقدس وغزة وبئر
السبع.
تقول «ثمة من يطلبن دمج تطريز أكثر من
منطقة فلسطينية في ثوب واحد، وثمة من يطلبن ثوب الانتفاضة المطرز
بالأعلام الفلسطينية والكوفية، وثمة من يُدخِلن عليه ألواناً وقصات جديدة
أقرب إلى الفساتين والجلاّبيات، وثمة عرائس كثيرات بتن يطلبن ثوب العروس الفلسطينية
المطرز، وخصوصاً التلحمي»، بيد أن القاسم المشترك بينهن جميعاً، من وجهة نظرها، هو
الرغبة العارمة في تخليد الهوية الفلسطينية التي يقف الثوب
المطرز على رأس
هرمها.
الأديب الفلسطيني جبرا إبراهيم جبرا كان من بين أولئك
الذين فُتِنوا بالتطريز الفلاحي الفلسطيني، قائلاً عنه «إنه بمجموعهِ يمثل فرحاً
بالحياة، وإقبالاً عليها، وتجاوباً، حتى ليكاد يبدو أنه وليد طقوس هي طقوس الخصب
ورفض الموت والتهليل لقوى الانبعاث في الإنسان كما في الزرع
والضرع».
يضيف بشجن «المرأة الفلسطينية ما نقشت وطرزت ثوباً
لنفسها أو لغيرها إلا وهي تحتدم حساً بروعة الوجود وغزارته، إن هذا التطريز فن
أبدعه حب عارم لكل ما هو حي».
الإثنين سبتمبر 20, 2021 3:48 pm من طرف هديل الحمام
» عدرا يا فلسطين????????
الإثنين يوليو 26, 2021 9:28 pm من طرف هديل الحمام
» كورونا - الشاعر : عطا سليمان رموني
الأربعاء يونيو 09, 2021 9:08 pm من طرف اسطورة المنتدى
» رحل ولن يعود
السبت فبراير 20, 2021 7:05 pm من طرف هديل الحمام
» كوفيتي عنواني
السبت فبراير 20, 2021 7:00 pm من طرف هديل الحمام
» كل يوم نصيحه ومعلومه
السبت فبراير 20, 2021 6:49 pm من طرف هديل الحمام
» اللهم ارفع مقتك وغضبك عنا - الشاعر : عطا سليمان رموني
الثلاثاء فبراير 02, 2021 6:35 pm من طرف اسطورة المنتدى
» هنيال من عطا له أخ - الشاعر : عطا سليمان رموني
السبت يونيو 20, 2020 3:14 pm من طرف اسطورة المنتدى
» الأخذ بالأسباب - الشاعر : عطا سليمان رموني
الأحد مارس 15, 2020 10:50 am من طرف عطا سليمان رموني
» بعد غياب طويل عدت لكم من جديد هديل الحمام
الثلاثاء مارس 03, 2020 6:04 pm من طرف عازفة المشاعر
» رعاية ذوي الاعاقة - الشاعر : عطا سليمان رموني
الثلاثاء فبراير 18, 2020 11:44 am من طرف الشاعر عطا سليمان رموني
» صفقة القرن اللعينة - الشاعر : عطا سليمان رموني
الجمعة يناير 31, 2020 9:11 pm من طرف الشاعر عطا سليمان رموني
» شافي انت الشافي - الشاعر : عطا سليمان رموني
الإثنين ديسمبر 30, 2019 6:20 am من طرف الشاعر عطا سليمان رموني
» اصحب للجماعة - الشاعر عطا سليمان رموني
الأحد ديسمبر 15, 2019 7:17 am من طرف الشاعر عطا سليمان رموني
» يا ارضا عشقنا تربها الغالي
الخميس أكتوبر 10, 2019 8:25 am من طرف driss78