على ضفاف الدم تتجلى الذكريات مثقلة بالألم في كل المحطات, من التراب إلى التراب ترتل آية في الكتاب "فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا"1 وتستلهم من سيد البشر عبرة وعبر حين تمنى "وددت أني أقاتل في سبيل الله فأقتل ثم أحيا ثم أقتل.."2 وتحت أسياف المنون ينطلق النداء ولست أبالي حين أقتل مسلماّ على أي جنب كان في الله مصرعي.3
هي الشهادة المقبلة كأسراب النحل على الأرواح المزهرة طلباّ للمهور من دم النحور فتعطى كفناّ أحمراّ ورأساّ مخضباّ, وراية تهتف يا لثارات الشهيد!.
يقول من لم يجرب ما نكابده
كأن أجملهم بالموت قد فتنوا
ولو حكى الموت بالفصحى لصاح بنا
كفى ازدحاماّ علي كفى واتزنوا4
كأن أجملهم بالموت قد فتنوا
ولو حكى الموت بالفصحى لصاح بنا
كفى ازدحاماّ علي كفى واتزنوا4
من الحياة إلى الحياة رحلة الشهادة ولذة السعادة ومسيرة العشق التي لا تنتهي, الحياة في موتهم قاهرين والموت في حياتهم مقهورين, تلك هي سيمفونية الخلود التي يعزف عليها الصاعدون نحو المجد في زمن الهزيمة والسقوط وشعارهم "لقد عشنا أكثر مما كنا نتصور"5 فكانت نفحة روحهم الطاهرة التي تحررت من قبضة الطين وانتصرت عليها, فالشهادة تعني الإنتصار!.
لا نبك على الشهداء لكنها آهات تختلج القلوب حباّ وقرباّ من الذين عذبونا بالرحيل فكان الموعد قبل الأوان, في ساعة هادئة سرعان ما تضطرب عقاربها لهول الخبر! عبر رسالة صامتة نحاول أن نرتب حروفها بكل خوف وتكون النتيجة استشهاد فلان قبل قليل, فلان في ذمة الله, عظم الله أجرك في فلان, أو بإتصال مبعثر الكلمات ينزف بكل أسف يغلبه النحيب على الحبيب.
ربما لم أره إلا في صورة ملائكية تزين الحائط وتخاطبني كأنني أعرفه منذ زمن, ربما لم أسمع به لكن سمعت عنه تمنيت حينها لو كنت معه ولو للحظة!, ربما قابلته صدفة لكن لم أعرف أنه ذاك ولو علمت لما تركته إلا وقد أعلمته بحبي له, ربما رأيته وسمعت منه وقابلته لكن لم أشبع منه لأننا العطاشى لهم والتائهون دونهم, يملكون التاريخ بينما نحن لا نملك سوى الذكرى.
ويمر وحي الذاكرة عبر الأيام العابرة يحمل ما تبقى من آلام غائرة لتعيدنا حيث التقينا في مساحة للقاء لا تتسع لغيرنا, حين أعطيته ما أملك من نبضات قلب ونظرات عين أقف أمامه خجلاّ وأتحدث عنه وجلاّ أشعر به عظيماّ في حياته لكن العظمة تجسدت في مماته كان إنساناّ يشعر بغيره وأخاّ ينشر خيره كنت أراه بعين البصر واليوم أراه بعين البصيرة التي ما زالت تغازله.
ويعود إلينا على جناح الدم حين يطل الصبح من تشققات الجرح لنذرف دمعاّ على أطلال الغياب في حارات المخيم الفقير والشوراع الضيقة التي احتضنت أحلامنا الكبيرة, ومقاعد الدراسة التي أخذت من أيامنا دفئاّ لم يبرد بعد! وتلك المحاريب التي بكت حين فقدت راهبها الذي اّنسنا بصلاته القدسية ووقفات هنا وهناك وجلسات في بيت هذا وذاك ويبقى الوحي لا يموت!.
رسموا الطريق إلى الحياة
رصفوه بالمرجان, بالمهج الفتيّة بالعقيقْ
رفعوا القلوب على الأكفّ حجارةً جمرًا حريقْ
رجموا بها وحش الطريقْ
هذا أوان الشدّ فاشتدي
ودوّى صوتهم في مسمع الدنيا
وأوغل في مدى الدنيا صداه
هذا أوان الشد واشتدتْ
وماتوا واقفين متوهجين
متألقين على الطريق مقبِّلين فم الحياة6
رصفوه بالمرجان, بالمهج الفتيّة بالعقيقْ
رفعوا القلوب على الأكفّ حجارةً جمرًا حريقْ
رجموا بها وحش الطريقْ
هذا أوان الشدّ فاشتدي
ودوّى صوتهم في مسمع الدنيا
وأوغل في مدى الدنيا صداه
هذا أوان الشد واشتدتْ
وماتوا واقفين متوهجين
متألقين على الطريق مقبِّلين فم الحياة6
يا حسرة على من عاش في زمن الشهداء ولم يعرفهم, هم القادرون على وقف المهزلة وإعادة النجوم إلى مداراتها وحركة التاريخ إلى اتجاهها الصحيح, لقد عقر جوادهم وسفك دمهم قاتلوا حتى اللحظة الأخيرة وقتلوا لتحلق أرواحهم وننحني لها مودعين, تقدموا ولم ينتظروا المدح والثناء وترجلوا شهداء لقد قالوا "لا" حتى اّخر قطرة دم في زمن قال فيه المنهزمون "نعم".
هم قرابين الأرض وفرسان السماء قصيرة رحلتهم بين الحلم والحقيقة لكنها طويلة في الذاكرة لا ترحل مع الأيام ولا تهاجر مع الطيور بل تبقى متجذرة تكبر كلما حان الاشتياق! لا مكان للمستحيل في دربهم الطويل يعبرون طريق النصر على خيول الدم الأصيلة بينما نحن البسطاء نلهث خلفهم ونبحث عن محط رحالهم ومهراق دمهم لنحاول أن نتصور رحيلهم إلى الموت الجميل!.
أغفو ونعشي للملائك مقصدٌ
وعلى أكف الوالهين ممددُ
جسدي المضرجُ يستريحُ بلحدهِ
والروح ترقى للجنان وتصعدُ7
وعلى أكف الوالهين ممددُ
جسدي المضرجُ يستريحُ بلحدهِ
والروح ترقى للجنان وتصعدُ7
هنا نقف للعابرين ونلقي عليهم سلام الأرواح المولعة شوقاّ وحنيناّ إلى عالمهم العلوي المخضب بالدماء والمزين بالأشلاء لنخبرهم أن الموت يحلو بموتهم وتصبح الحياة أصغر من عقيدتنا, نجدد عهدنا معهم ونرثيهم بالبلاغة التي تليق بهم سنكتب عنهم فليعذرونا لأننا لن نوفي حقهم علينا, نحاول أن نستحضر مواقفهم في ظلال الذكريات لنقتبس منها آيات الجهاد والتضحيات.
عبر صفحات من دم في حضرة الشهادة نلملم بقايا الشوق على لوحة العشق
لـشهدائنا ... لـعظمائنا ... لـتاريخنا ... لـكل أمجادنا
تحياتي لكل شهدائنا الابرار
هديل الحمام
لـشهدائنا ... لـعظمائنا ... لـتاريخنا ... لـكل أمجادنا
تحياتي لكل شهدائنا الابرار
هديل الحمام
الإثنين سبتمبر 20, 2021 3:48 pm من طرف هديل الحمام
» عدرا يا فلسطين????????
الإثنين يوليو 26, 2021 9:28 pm من طرف هديل الحمام
» كورونا - الشاعر : عطا سليمان رموني
الأربعاء يونيو 09, 2021 9:08 pm من طرف اسطورة المنتدى
» رحل ولن يعود
السبت فبراير 20, 2021 7:05 pm من طرف هديل الحمام
» كوفيتي عنواني
السبت فبراير 20, 2021 7:00 pm من طرف هديل الحمام
» كل يوم نصيحه ومعلومه
السبت فبراير 20, 2021 6:49 pm من طرف هديل الحمام
» اللهم ارفع مقتك وغضبك عنا - الشاعر : عطا سليمان رموني
الثلاثاء فبراير 02, 2021 6:35 pm من طرف اسطورة المنتدى
» هنيال من عطا له أخ - الشاعر : عطا سليمان رموني
السبت يونيو 20, 2020 3:14 pm من طرف اسطورة المنتدى
» الأخذ بالأسباب - الشاعر : عطا سليمان رموني
الأحد مارس 15, 2020 10:50 am من طرف عطا سليمان رموني
» بعد غياب طويل عدت لكم من جديد هديل الحمام
الثلاثاء مارس 03, 2020 6:04 pm من طرف عازفة المشاعر
» رعاية ذوي الاعاقة - الشاعر : عطا سليمان رموني
الثلاثاء فبراير 18, 2020 11:44 am من طرف الشاعر عطا سليمان رموني
» صفقة القرن اللعينة - الشاعر : عطا سليمان رموني
الجمعة يناير 31, 2020 9:11 pm من طرف الشاعر عطا سليمان رموني
» شافي انت الشافي - الشاعر : عطا سليمان رموني
الإثنين ديسمبر 30, 2019 6:20 am من طرف الشاعر عطا سليمان رموني
» اصحب للجماعة - الشاعر عطا سليمان رموني
الأحد ديسمبر 15, 2019 7:17 am من طرف الشاعر عطا سليمان رموني
» يا ارضا عشقنا تربها الغالي
الخميس أكتوبر 10, 2019 8:25 am من طرف driss78